٥٦٣- سؤال من الأخت "المرشدة الدينية" من الجزائر، يقول: هل يجوز حفر الآبار من أموال الزكاة، حيث إن العديد من المسلمين في القرى البعيدة عن المدن يعانون من عدم الوصول لمياه الشرب، وهم بحاجة لحفر آبار المياه؟ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فالسؤال عن دفع الزكاة للذين يحتاجون لمياه الشرب؛ لكونهم يعيشون في أماكن بعيدة عن المدن. والجواب أن الله -عز وجل- بيّن في كتابه المستحقين للزكاة وأولهم الفقراء والمساكين، فقال -عز ذكره -: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٦٠]. والفقراء اسم عام يشمل من لا يستطيع الحصول على طعامه أو شرابه؛ لحفظ نفسه من الهلاك، ويستحق الزكاة من لا يجد هذا الطعام والشراب؛ لأن حفظ النفس من الضرورات الشرعية، والأصل أن دفع الزكاة للفقراء والمساكين رحمة الله بعباده، فتجب على أغنيائهم لفقرائهم، وهو ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل -رضي الله عنه- حين أرسله إلى اليمن بقوله في حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما -: ((فأخْبِرْهُمْ أنَّ الله قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ))(١). ولعظم هذه الزكاة قرنها الله -عز وجل- بالصلاة، فجعلها فريضة من فرائض الإسلام، والآيات في هذا كثيرة، فما من آية وردت في الصلاة إلا وردت معها الزكاة، ناهيك بأنها ركن من أركان الإسلام التي يقوم عليها. هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فلا شك في أن فئات من المسلمين يعيشون في أماكن نائية في آسيا وأفريقيا وغيرهما، ويعانون من بعد أماكنهم، إضافة إلى ضعف أحوالهم الاقتصادية، الأمر الذي يجعلهم في معاناة مستمرة، والأصل في الزكاة أنها لهؤلاء وأمثالهم ممن يتعرضون للأخطار، مما يوجب مساعدتهم بحفر الآبار لهم في أماكنهم؛ تثبيتًا لهم على دينهم وما يوجبه من حفظ أنفسهم؛ لهذا تجب الزكاة لهم لحفر آبار مياه الشرب لهم؛ بحسبهم من الفقراء الذين حكم الله بالزكاة لهم.
ملف PDF