٥٦٢- سؤال من الأخت م .. ة .. من الجزائر، يقول: شيخنا، ما حكم عمل الممرضة في عيادة طبية مع طبيبة تقوم بإجهاض الأجنة، بمقابل مبالغ مالية؟ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فظاهر السؤال أن سائلة ممرضة تعمل مع طبيب وطبيبة يمارسان إجهاض الأجنة. والجواب: أن إجهاض الأجنة دون سبب مشروع يعد خطيئة وإثمًا كبيرًا، ذلك أنه يخالف حكمة الله وإرادته في الخلق والتناسل وإعمار الأرض، وقد عظم الله أمر الخلق وجعله من آياته، فقال -عز وجل -: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ [النحل: ٧٢] كما عظم رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- هذا الخلق فقال في حديث جذامة الأسدية بنت وهب -رضي الله عنها- لما سألوه عن العزل قال: (ذلكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ)»،(١) والأصل أن الله كتب إعمار الأرض لعباده إلى آجالهم المسماة فاقتضى ذلك حكمًا تحريم العبث بما فطر الله العباد عليه. والإجهاض في واقع الحال نوعان: إجهاض من بداية الحمل أي مازال الجنين في الأطوار الأولى للخلق، ومع أن إجهاض هذا يدخل في أصل التحريم إلا أن الضرورة قد تلجأ إليه؛ لأسباب عدة كمرض الأم وعدم قدرتها على الاستمرار فيه، وكذا حالات الاغتصاب، ونحو ذلك من الأعذار المشروعة. النوع الثاني: إجهاض الجنين الذي أكمل مائة وعشرين يومًا، فهذا الجنين يعد نفسًا كاملة، مثله مثل الكبار لا يجوز بأي حال من الأحوال إجهاضه إلا في حالة مرض أمه، وما يمثله هذا من خطر على حياتها، أو نحو ذلك من الأعذار المشروعة. هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فإن كان للممرضة مصدر رزق غير هذا فالواجب ترك هذا العمل؛ لأنه مشاركة في فعل محرم، أما إذا لم يكن لها مصدر رزق غير هذا فتصبر عليه، مع إنكاره في نفسها إلى أن تجد عملا غيره. والله -تعالى- أعلم.
ملف PDF