سئل صاحب مجلة البحوث الفقهية المعاصرة معالي الدكتور عبد الرحمن بن حسن النفيسة عن حكم صيام ستة أيام من شهر شوال بعد شهر رمضان المبارك فقال: يتكرر الحديث كل عام عن هذا الموضوع فهناك من يرى التمسك بصيام هذه الأيام الستة بعد شهر رمضان المبارك، وهناك من يرى غير ذلك، والأصل في هذا ما ورد في صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر” ( أخرجه مسلم في كتاب الصيام باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعا لرمضان برقم 1164).
والخلاف في حكم صيام هذه الأيام الستة قديم، ومن ذلك ما ورد في رواية الإمام يحيى الليثي أنه سمع الإمام مالكا يقول: ” إنه لم ير أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك رخصة عن أهل العلم ورأوهم يفعلون ذلك” (الموطأ ص 211 برقم 691).
فالإمام مالك رحمه الله ،حجة فهو إمام أهل المدينة، وإمام أهل الحديث والمعاصر للسلف الأول من أهل الفقه والعلم والفقه في الدين وما قاله رحمه الله في هذا الأمر إلا لخشيته أن تتحول السنة إلى فرض عند بعض العامة من المسلمين ممن يجهلون الأحكام فيلحقوا برمضان ما ليس منه.
وخشيته رحمه الله واردة ومشهودة في كثير من أمور المسلمين وإن كان هذا غير وارد في صيام الأيام الستة في زماننا هذا بحكم سعة العلم وانتشاره إلا أننا نرى أنه لا يفصل بين صيام كثير من الصالحين وصيام هذه الأيام الستة إلا يوم العيد وإن كانوا لا يعتقدون أنها جزء من رمضان إلا أنهم قد يرون في صيامها إكمالا له ابتغاء الأجر في صيام الستة كلها كما ورد في الحديث.
وحتى لا نخشى ما خشيه الإمام ملك رحمه الله يجب الاحتياط في هذا الأمر؛ فالحديث صحيح ولا منافاة بينه وبين ما قاله الإمام مالك والفضل كثير ولكن يجب أن يدرك الصالحون من خلال إرشادهم أن صوم الأيام الستة من شهر شوال سنة، وقد يصومها المسلم سنوات ويترك صومها سنة أو سنتين وقد يصومها مجزأة أو يصومها في وسط الشهر أو في آخره حتى يكون ذلك أدعى للتفريق بين الفرض والسنة.
والمسلم إن شاء الله في خير فإن صامها مرة فله أجر وإن أخر صيامها مرة وهو ينوي ويود صيامها فله إن شاء الله أجر حسب نيته لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” ( أخرجه البخاري في كتاب بدأ الوحي باب كيف كان بدأ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 1).