عن السائب بن يزيد: أن عثمان بن عفان كان يقول: هذا شهر زكاتكم،
فمن كان عليه دين فليؤد دينه، حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة.
عن أيوب بن أبي تميمة السختياني: أن عمر بن عبدالعزيز: كتب في
مال قبضه بعض الولاة ظلمًا يأمر برده إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضي
من السنين، ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة، فإنه
كان ضمارا.
عن يزيد بن خصيفة: أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه
دين مثله، أعليه زكاة؟ فقال: لا. قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا
في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه، وإن أقام عند الذي هو عليه
سنين ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه، لم تجب عليه إلا زكاة واحدة، فإن
قبض منه شيئًا لا تجب فيه الزكاة، فإنه من كان له مال سوى الذي قبض
تجب فيه الزكاة فإنه يزكى مع ما قبض من دينه ذلك. قال: وإن لم يكن
له ناض غير الذي اقتضى من دينه، وكان الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه
الزكاة، فلا زكاة عليه فيه، ولكن ليحفظ عدد ما اقتضى، فإن اقتضى بعد
ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض قبل ذلك فعليه الزكاة فيه. قال:
فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولا، أو لم يستهلكه، فالزكاة واجبة عليه،
مع ما اقتضى من دينه، فإذا بلغ ما اقتضى عشرين دينارًا عينًا، أو مائتي
درهم، فعليه فيه الزكاة، ثم ما اقتضاه بعد ذلك من قليل أو كثير، فعليه
فيه الزكاة بحساب ذلك.
قال مالك: والدليل على الدين يغيب أعوامًا، ثم يقتضى فلا يكون فيه
إلا زكاة واحدة، أن العروض تكون للتجارة عند الرجل أعوامًا، ثم يبيعها
فليس عليه في أثمانها إلا زكاة واحدة، وذلك أنه ليس على صاحب الدين
أو العروض أن يخرج زكاة ذلك الدين أو العروض من مال سواه، وإنما
يخرج زكاة كل شيء منه، ولا يخرج الزكاة من شيء عن شيء غيره.
قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يكون عليه دين، وعنده من العروض ما
فيه وفاء لما عليه من الدين، ويكون عنده من الناض سوى ذلك ما تجب فيه
الزكاة، فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة، وإن لم يكن عنده
من العروض والنقد إلا وفاء دينه، فلا زكاة عليه، حتى يكون عنده من
الناض فضل عن دينه ما تجب فيه الزكاة، فعليه أن يزكيه