الإمام مالك بن أنس:
قال يحيى: سمعت مالكًا يقول في هذه الآية: إنها منسوخة قول الله
تبارك وتعالى }إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين{ نسخها ما نزل
من قسمة الفرائض في كتاب الله عز وجل قال: وسمعت مالكا يقول: السنة
الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز له
ذلك ورثة الميت، وأنه إن أجاز له بعضهم وأبى بعض جاز له حق من أجاز
منهم، ومن أبى أخذ حقه من ذلك، قال: وسمعت مالكًا يقول في المريض
الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو مريض: ليس له من ماله إلا
ثلثه، فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه، إنه ليس لهم أن
يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي
أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله قال
فإما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته، فيأذنون له،
فإن ذلك لا يلزمهم، ولورثته أن يردوا ذلك إن شاءوا، وذلك أن الرجل إذا
كان صحيحًا كان أحق بجميع ماله، يصنع فيه ما شاء، إن شاء أن يخرج
من جميعه خرج، فيتصدق به، أو يعطيه من شاء، وإنما يكون استئذانه
ورثته جائزًا على الورثة إذا أذنوا له، حين يحجب عنه ماله، ولا يجوز له
شيء، إلا في ثلثه، وحين هم أحق بثلثي ماله منه، فذلك حين يجوز عليهم
أمرهم، وما أذنوا له به، فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين
تحضره الوفاة، فيفعل ثم لا يقضي فيه الهالك شيئًا، فإنه رد على من وهبه،
إلا أن يقول له الميت فلان لبعض ورثته ضعيف، وقد أحببت أن تهب له
ميراثك، فأعطاه إياه، فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له قال: وإن وهب له
ميراثه، ثم أنفذ الهالك بعضه، وبقي بعض، فهو رد على الذي وهب يرجع
إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه، قال: وسمعت مالكًا يقول فيمن أوصى
بوصية فذكر أنه قد كان أعطى بعض ورثته شيئًا لم يقبضه، فأبى الورثة
أن يجيزوا ذلك، فإن ذلك يرجع إلى الورثة ميراثًا على كتاب الله، لأن الميت
لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه، ولا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء
من ذلك.