حكم حج من يتعاطى الربا

كما سئل معالي الدكتور عبد الرحمن بن حسن النفيسة صاحب مجلة البحوث الفقهية المعاصرة – حفظه الله – عن الذي يحج وهو معروف بتعاطيه للربا وهل يقبل حجه ؟

فأجاب بأن الربا من أعظم المحرمات ومن يتعاطاه يعد محاربا لله ورسوله وهو ينزع البركة، ويمحق المال، ويفسد الحياة وقد أمر الله عباده أن يتقوه ويتركوا الربا فإن لم يفعلوا أصبحوا محاربين له ولرسوله قال عزوجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (سورة البقرة -278- 279).
والحج أداء لركن من أركان الإسلام، وفيه تعظيم لشعائر الله وهذا التعظيم يوجب أن تكون نفقة الحج من الطيبات واجتناب المحرمات لأن الله طيب ولا يقبل من عباده إلا طيبا.

إذا حججت بمال أصله سحت *** فما حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل صالحة *** ما كل من حج بيت الله مبرور

ومع ذلك فإن تعاطي الربا لا يجب أن يحول بين متعاطيه وبين أداء ما فرضه الله عليه من الحج، فالربا محرم، والحج ركن من أركان الإسلام، وهذا الركن لا يسقط بسبب ارتكاب المسلم للمحرم ففعل المحرم له عقاب، وفعل المأمور به له ثواب ومن يخلط العمل الصالح مع العمل الفاسد عليه أن يتوب إلى الله وعسى الله أن يتوب عليه كما قال عز ذكره: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة:102).
فتعاطي المذكور للربا لا يمنعه عن القيام بفريضة الحج التي فرضها الله عليه ولعله في حجه يتوب إلى الله توبة صادقة تنقذه من شر الربا.
-
(1) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد رقمه (232).

ملف PDF