إذا أنفذ القاضي شهادة الشاهدين قطعا ثم بان له ذلك لم يكن عليهما شيء لأنهما صادقان في الظاهر وكان عليه أن لا يقبل منهما فهذا خطأ منه تحمله عاقلته

قال المزني: قال الشافعي رحمه الله
بشهادتهما قطعا ثم بان له ذلك لم يكن عليهما شيء لأنهما
صادقان في الظاهر وكان عليه أن لا يقبل منهما فهذا خطأ منه
.» تحمله عاقلته
قال الماوردي: وهذا صحيح إذا وجب نقض الحكم برد الشهادة
إما لفسق أو لرق أو كفر، فسواء. ولا يخلو الحكم من أن يفضي إلى
استهلاك أو لا يفضي.
فإن لم يفض إلى استهلاك لم يتعلق بنقضه ضمان، وكان
نقضه معتبرا بالحكم.
فإن كان في عقد نكاح عقد بشاهدين فبانا عبدين، أو كافرين،
أو فاسقين. افتقر إلى حكم الحاكم بنقضه، لأن مالكا يجيز عقد
النكاح بغير شهود إذا أعلن.
وإن كان في إثبات نكاح اختلف فيه الزوجان، فإن بان فسق
الشاهدين حكم بنقضه ولم ينقض بظهور فسقهما إلا أن يحكم
به لخلاف أبي حنيفة فيه وفرق بين الزوجين فيه بعد يمين الزوجة
المنكرة.
وإن بان كفر الشاهدين أظهر نقض الحكم ولم يفتقر نقضه
إلى حكم لوقوعه منتقضا لرد شهادتهما بالنص المجمع عليه.
وإن بان رق الشاهدين، فهل يفتقر نقضه إلى الحكم به أم لا؟
على وجهين مبنيين على الاختلاف في شهادته هل ردت بظاهر نص،
أو إجماع عن ظاهر اجتهاد ظاهر أو على ما قدمنا.
وهكذا في كل حكم نفذ بشهادتهم يكون الحكم بنقضه معتبرا
بأحوال شهوده في اختلافهم في الوجوه الثلاثة في الرق والكفر
والفسق فيحتاج إلى الحكم بنقضه في الفسق، ولا يحتاج إلى الحكم
بنقضه في الكفر، وفي احتياجه إلى الحكم بنقضه في الرق وجهان.
وإن كانت الشهادة بنقضه في طلاق فرق فيه بين الزوجين، وقع
ما أوقعه من الطلاق وجمع بين الزوجين بعد يمين الزوج المنكر.
وإن كانت الشهادة في عتق أنفذ بها حرية العبد، حكم برقه وبقائه
على ملك سيده، ويملك اكتتابه بعد يمين السيد في إنكار عتقه.
وإن كانت الشهادة على نقل ملك من دار أو عقار، حكم بإعادته
على المشهود عليه مع أجرة مثله بعد يمينه على إنكاره، فإن طلب
إعادة الدار إلى يده ليحلف بعد ردها عليه، وجب على الحاكم أن
يرفع عنها يد المشهود له، لبطلان بينته ولا يأمر بردها على المشهود
عليه، لأن أمره بالرد حكم له بالاستحقاق ولا يمنعه منهما، لأن
منعه حكم عليه بإبطال الاستحقاق، ويخلى بينه وبينهما من غير
حكم بات، وهذا بخلاف الطلاق والعتق الذي لا يجوز التمكين
منهما إلا بعد اليمين لما فيها من حقوق الله تعالى.
وإن كانت الشهادة في دين حكم بقضائه، فإن كان ماله بعد قضائه
باقيا في يد المشهود له حكم برده على المشهود عليه بعينه ولم يعدل
عنه إلى بدله، وإن استهلكه المشهود له، أخذ برد مثله. فإن أعسر به
أقرضه الحاكم عليه من بيت المال ليكون دينا عليه في ذمته يؤديه
إذا أيسر به ويدفعه إلى المشهود عليه بدلا من المأخوذ منه

ملف PDF